خان اللجون قرب جنين عام 1870.
قرية كانت قائمة على تل قليل الارتفاع، في الطرف الجنوبي الغربي من مرج ابن عامر، موزعة على طرفي وادي اللجون. وكانت جنين والمرج نفسه يظهران للناظر من اللجون. وكان جبل الكرمل يحدها من الغرب والجنوب، وتل المتسلّم (من الشمال الشرقي)، وتل الأسمر (من الشمال الغربي). وكانت القرية، التي تربطها طرق فرعية بطريق جنين - حيفا العام، وبطريق عام آخر يمتد صوب الجنوب الغربي ويفضي إلى بلدة أم الفحم، تقع بالقرب من ملتقى الطريقين.
بعد أن أُخمدت ثورة اليهود بقيادة باركوخبا، سنة 130م، أمر الإمبراطور الروماني هدريان (Hadrian) بأن ترابط فرقة أخرى من الجيش الروماني، الفرقة السادسة "المدرعة"، في شمال البلاد. وبات الموقع الذي أقامت معسكرها فيه يعرف باسم لجيو (Legio). ولما سُحب الجيش من المنطقة في القرن الثالث للميلاد، غدت لجيو مدينة ولُقبت ب "مدينة مسيميان" وعرفت باسم مسيميانوبوليس (Masimianupolis). وظلت تعرف بهذا الاسم طوال العهد البيزنطي. ثم أصبحت بيد العرب في القرن السابع للميلاد، في الفترة الأولى من الفتح الإسلامي. وشهدت اللجون أكثر من مجابهة بين الحكام المسلمين المتنافسين، كتلك التي دارت رحاها سنة 945م بين الحمدانيين حكام حلب والإخشيديين حكام مصر، والتي هُزم فيها الأمير سيف الدولة الحمداني الشهير. وقد استولى الصليبيون على اللجون، ثم استرجعها صلاح الدين الأيوبي في سنة 1187.
أتى إلى ذكر اللجون نفر من الجغرافيين العرب على مر السنين، منهم ابن الفقيه (الذي كتب في سنة 903م)، والمقدسي (الذي كتب في سنة 985م)، وياقوت الحموي (توفي سنة 1229). وقد وصفها المقدسي بأنها مدينة رحبة نزيهة، على طرف فلسطين (يوم كانت الحدود بين سورية وفلسطين غير حدود اليوم)، وذكر ينابيعها ذات المياه العذبة. وكذلك أشار المقدسي وياقوت (في كتابه "معجم البلدان") إلى ما يدعوه سكان اللجون مسجد إبراهيم، المبني على صخرة مدوّرة. لكن بينما قال ابن الفقيه إن المسجد قائم خارج اللجون، روى ياقوت أن المسجد كان وسط البلدة. كما مر بالقرية نفر من ملوك المسلمين وأعيانهم، منهم الملك الكامل، سادس الحكام الأيوبيين، الذي زوّج ابنته عاشوراء فيها لابن أخيه في سنة 1231. وقد دفن في القرية أيضاً اثنان من علماء المسلمين هما: علي الشافعي (توفي سنة 1310)، وعلي بن الجلال (توفي سنة 1400).
في سنة 1596، كانت اللجون قرية في ناحية شَعْرَة (لواء اللجون)، وعدد سكانها 226 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل والجواميس. وروي أن ظاهر العمر، الذي بات لفترة قصيرة الحاكم الفعلي لشمال فلسطين في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، استعمل المدافع لقصف اللجون في سياق حملته (1771- 1773) للاستيلاء على نابلس. ولا يعرف بالتحديد هل كان هذا الهجوم هو سبب أفول القرية في الأعوام التي تلت ذلك أم لا؛ حتى أن جيمس فِنْ، القنصل البريطاني للقدس وفلسطين (1846-1862)، لم ير قرية في الموقع يوم زار المنطقة. لكن مؤلفي كتاب "مسح فلسطين الغربية" (The Survey Of Western Palestine) لاحظوا وجود خان إلى الجنوب من خرائب اللجون، في أوائل الثمانينات من القرن الماضي.
في أواخر القرن التسع عشر، انتقل نفر من سكان أم الفحم إلى موقع اللجون لاستغلال أراضيها الزراعية. ثم استوطن هؤلاء اللجون شيئاً فشيئاً، مقيمين منازلهم حول ينابيع الماء، ولا سيما في جوار الخان. ولما أجرى علماء الآثار الألمان سنة 1903 التنقيبات في تل المتسلّم (مجدّو القديمة)، القريب من القرية، استعمل بعض سكانها الحجارة التي استخرجت من أبنية الموقع القديم في بناء مساكن جديدة لهم. وقد انتقل مزيد من سكان أم الفحم إلى اللجون أيام الانتداب البريطاني، ولا سيما في أواخر الثلاثينات، بسبب اضطهاد الحكومة البريطانية لهم جراء نشاطهم في ثورة 1936- 1939 التي انتشرت في أنحاء فلسطين. كما تنامى اقتصاد اللجون بسرعة نتيجة توافد مزيد من السكان.
انقسمت القرية جراء توسعها إلى ثلاثة أحياء: حي شرقي، وحي غربي، وآخر يعرف بخربة الخان. وكان يقيم في كل حي "حمولة" أو أكثر مثل "حمولتي" المحاجنة التحتا والغبارية، و "حمولتي" الجبارين والمحاميد، و "حمولة" المحاجنة الفوقا. في سنة 1931، كان سكان اللجون يتألفون من 829 مسلماً و 26 مسيحياً ويهوديين اثنين؛ ولا يوجد تفصيل دقيق لعددهم في سنة 1945. في سنة 1943، موّل أحد كبار مالكي الأراضي في القرية إنشاء مسجد، بني بالحجارة البيض، في حي الغبارية (الشرقي). كما أنشئ مسجد آخر في حي المحاميد خلال الفترة نفسها، بتمويل من سكان الحي أنفسهم. وكان في اللجون أيضاً مدرسة أسست في سنة 1937، وبلغ عدد تلامذتها 83 تلميذاً في سنة 1944، وكانت تقع في حي المحاجنة الفوقا، أي في خربة الخان.
كان في القرية سوق صغيرة، وست طواحين للحبوب (تديرها عدة ينابيع وجداول تقع في ضواحي القرية)، ومركز طبي. وكان في كل حي من أحياء اللجون بضعة دكاكين. وقد أنشأ رجل من أم الفحم شركة باصات في اللجون، كانت توفر الخدمات لسكان أم الفحم وحيفا وبضع قرى، منها زرعين. في سنة 1937، بلغ عدد الباصات سبعة. وبعد ذلك رُخّص للشركة بنقل الركاب من جنين وإليها أيضاً، واكتسبت الشركة اسم "شركة باصات اللجون". عُني سكان اللجون بزراعة الحبوب والخضروات والحمضيات. أما تراث اللجون الأثري، فقد تلاشى تماماً بلا تدوين ولا تنقيب؛ إذ جُرفت الخرائب في معظمها، وكوّمت كومة واحدة من أجل تمهيد الأرض للزراعة..
عن: وليد الخالدي وآخرون، كي لا ننسى: قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها، ترجمة حسني زينة، بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2001، ط3، ص57- 58.
خان اللجون بعد التطهير العرقي من قبل الصهاينة/ المركز الطبي/ صورة التقطت عام 1987
تذكر الرواية الإسرائيلية الرسمية أن اللجون احتلت قبل الأول من حزيران \ يونيو 1948 بوقت قصير, عقب (تطهير) وادي بيسان, وقبل الهجوم الإسرائيلي ( الفاشل) على جنين. ففي تلك الفترة, كان لواء غولاني قد استولى على بضع قرى مجاورة لجنين, ومنها اللجون التي دخلتها القوات الإسرائيلية فجر 30 أيار\ مايو, استنادا الى تقرير صحافي نشرته( نيويوك تايمز) السابقة في وادي بيسان. هوجمت واحتلت في أواسط نيسان \ أبريل, مايو, استناد الى تقرير صحافي نشرته ( نيويورك تايمز). فقد تقدمت طوابير إسرائيلية عدة نحو منطقة المثلث, يومها, واستولت على جملة قرى شمالي جنين. ومن الجائز أن تكون الكتيبة الرابعة من لواء غولاني طردت سكان القرية فورا, وذلك تماشيا مع عادتها خلال عملياتها السابقة ذكرت أن القرية هوجمت واحتلت في أواسط نيسان\ أبريل حين حاولت القوات اليهودية ( أن تصل الى تقاطع الطرق في اللجون بعملية التفاف).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق